يتخذ هذا النص شكل رسالة مفتوحة موجَّهة إلى أحمد قايد صالح في أوج الحراك الشعبي سنة 2019، يذكّره فيها الكاتب بثقل المسؤولية أمام الله والتاريخ، وبأن شعار "محاربة العصابة" يفقد معناه حين يُحرَم المعارضون من أبسط حقوقهم ويُهمَّش صوت الإصلاح.
رسالة مفتوحة إلى قائد الأركان أحمد قايد صالح
لستُ عائدًا إلى الجزائر بعد عامي هذا، عامِ 2019 من الهجرة المحتومة، لتأسيس حزب أو حركة أو لإقامة ندوة صحفية أتباهى بها أمام الصحافة؛ فقد كفرتُ بالتحزّب منذ تجربتي مع أحمد طالب الإبراهيمي سنة 1999.
ولستُ عائدًا لمنافستكم على السلطة، فإني أعلم يقينًا أنك لستَ إلا حارسًا لها، وأن الوصول إليها لا يتمّ إلا عبر حماية الدبابة والبارجة والصاروخ. وإني أخاف من حملي الثقيل يوم أقف وحيدًا عاريًا أمام الله، فكيف بمن يحمل عبء أمّة؟
يا قايد صالح: ليست لي بنوك في سويسرا، ولا قصور في الإمارات، ولا فضائيات، ولا جاه… بل لا أمتلك إلا قلمًا وصوتًا مبحوحًا، ولا أزال أمشي راجلًا.
يا قايد صالح: عودتي إلى الجزائر ليست للتمتّع في نادي الصنوبر أو السرايدي، ولا لأكل صناديق الترفاس ولحم الغزال في الإقامات المحروسة في الصحراء، بل لزيارة ما تبقّى لي من أقارب، ولتقبيل تراب قبر والديَّ رحمهما الله، والبكاءِ على القبر الذي يضمّهما، علّي أستعطف الحجرَ والشجرَ والحيوانات؛ لأنني أعلم أن القلوب قد ماتت منذ زمان. وإني موقن أن المكان لم يَعُد يسع أهلَ الإصلاح، بل هو مفتوح للزهوانية وسولكينغ…
يا قايد صالح: أنا لا أستجديك، ولا أستعطفك، ولا أشتكي إليك، بل أبعث لك هذه الرسالة لأقيم عليك الحجّة، يا من ترفع شعار محاربة العصابة، وأنا محروم من أبسط حقوقي.
وإنني أحذّرك من عقاب الله في الدنيا قبل الآخرة؛ فاقرأ قصة المرأة التي دخلت النار بسبب هِرّة، إن كنت تحمل في قلبك مثقال ذرة من إيمان. وانظر إلى كرسي بوتفليقة كيف اهتزّ في لمح البصر، وتذكّر أين هو القذافي وعلي عبد الله صالح. لا يغرّنك العَسَس يا قايد صالح ولا الخدم؛ فانظر أين هو نزار، وأين هو العماري، والعربي بلخير… إلخ.
يا قايد صالح: اتَّقِ دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب.
نورالدين خبابه
28 أوت 2019
إرسال تعليق